لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ(163)

 

 

وهذا القول يدل على أن بعض الخلق قد يجعل لله شريكا فى العبادة فيجعل صلاته ظاهرية رياء ، ومناسكه ظاهرية رياء ، وحياته يجعلها لغير واهب الحياة . ويعمل حركاته كلها لغير واهب الحياة ويجعل مماته للورثة وللذرية لذلك عليك أن تتذكر أن الله لا شريك له .

{..وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ(163)} (سورة الأنعام)

وهذا أمر من الله لرسوله وكل أمر للرسول هو أمر لكل مؤمن برسالته صلى الله عليه وسلم والأوامر التى صدرت عن الرب هى لصالحك أنت فسبحانه أهل لأن يُحب ، وكل عبادة له فيها الخير والنفع لنا ، وأنا لا أدعيه لنفسى بل هو عطاء من ربكم وربى الذى أمر ولذلك فالحق سبحانه وتعالى حينما رأى أن رسوله صلى الله عليه وسلم مشغول بأمر أمته أبلغنا :

{عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}

(من الآية 128 سورة التوبة)

وفى كل شئ كان صلى الله عليه وسلم يقول : أمتى أمتى أمتى أمتى ، وأراد الحق سبحانه وتعالى أن يطمئن رسوله على محبوبية أمته فقال له :

"إنا سنرضيك فى أمتك ولا نسوؤك" رواه مسلم

والحديث بتمامه كالآتى :

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل فى إبراهيم : {ربى إنهن أضللن كثيراً من الناس فمن تبعنى فإنه منى} الآية.

وقال عيسى عليه السلام :{ إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}.

فرفع يديه وقال : "اللهم أمتى أمتى" وبكى ، فقال الله عز وجل : يا جبريل اذهب إلى محمد وربك أعلم فسله ما يبكيك ؟ فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام فسأله وأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال وهو أعلم ، فقال عز وجل :

"يا جبريل اذهب إلى محمد فقل : إنا سنرضيك فى أمتك ولا نسوؤك" رواه مسلم فى كتاب الإيمان .

ونزل قوله الحق :

{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى(5)} (سورة الضحى)

روى عن على رضى الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : "إذن لا أرضى وواحد من أمتى فى النار" غرائب القرآن ورغائب الفرقان للنيسابورى .

ويذيل الحق الآية بقوله : {وأنا أول المسلمين}

وحين يقول صلى الله عليه وسلم : وأنا أول المسلمين فى أمته فهذا قول صحيح صادق لأنه قبل أن يأمر غيره بالإسلام آمن هو بالإسلام وكل رسول أول المسلمين فى أمته ، لكن هناك أناس يقولون : لنأخذ العبارة هكذا ونقول : إن الرسول صلى الله عليه وسلم له منزلة بين رسل الله أجمعين تتجلى فى أنه أخذ العهد على غيره له ، ولم يأخذ العهد عليه لأحد فإن كان أول المسلمين فى أمته فهو أول المسلمين بين الرسل أيضا ، وإن لم تأخذها حدثاً خذها للمكانة ، وأضرب هذا المثل : هب أن كلية الحقوق أنشئت مثلاً سنة كذا وعشرين لكل سنة لها أول من التلاميذ ثم جاء واحد وحصل على 100% هذا العام فنقول عنه : إنه الأول على كلية الحقوق من يوم أن أنشيئت .