قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي

 أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ

 سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (71)

 

 

لقد كان يكلمهم ويكلمونه , قالوا له : ائتنا بالعذاب , فقال لهم : ( قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب ) , فكيف يقول وقع ؟لقد قال ذلك لأنه يخبر عن الله . و (( وقع )) فعل ماض , لكنا نعلم أن كلام الله مجرد عن الزمان ماضياً كان أو حاضراً , أو مستقبلاً , لقد قال سيدنا هود : (( وقع )) والعذاب لم يقع بعد , لكن لما كان قوله بلاغاً عن الله فإنه يؤكد وقوع العذاب حتماً , لأن الذى أخبر به قادر على إنفاذه فى أى وقت , ولا إله آخرولا قوة أخرى قادرة على أن تمنع ذلك . والذى وقع عليهم هو الرجس , والرجس أى التقذير , ضد التزكية والتطهير . وغضب الله الواقع لم تحدده هذه الآية . لكن لابد أن له شكلاً سيقع به .

ويسألهم هو ساخراً : ( أتجادلوننى فى أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ) , وكل أسم يكون له مسمى , وهذه الأسماء أنتم أطلقتموها على هذه الآلهه , وهل لها مسميات حقيقية لِتُعبد ؟ . لا , بل أنتم خلعتم على ما ليس بإله أنه إله , وهذه أسماء بلا مسميات , وأنتم فى حقيقة الأمر مقلدون لآبائكم . وما تعبدونة أسماء بلا سلطان من الإله الحق .

(مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ )                             من الآية 71 سورة الأعراف

أى ليس لهذه الأسماء من حجة على ما تقولون , بدليل أنهم كانوا يسمون فى الجاهلية إلهاً باسم (( العزّى )) وعندما يكسرونه لا يجدون عزاً ولا شيئاً , لأن هذا الإله المزعوم لم يدفع عن نفسه , فكيف يكون إلهاً وقّيوما على غيره ؟ وكذلك سموا (( اللات )) أى الله ومضاف له التاء , وعندما يكسرونه لا يجدون له قوة أو جبروتاً أو طغياناً .

ويقول هو لقومه ما يؤكد وقوع العذاب :

(فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ )                    من الآية (71) سورة الأعراف

وقوله : ( فأنتظروا ) , جعلنا نفهم قوله السابق : ( قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب ) بأن الرجس والغضب قادمان لا محالة . صحيح أنه عبر عن ذلك بالفعل الماضى , ولكن لنقرأ قوله الحق :

(أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ )                                     من الآية (1) سورة النحل

و (( أتى )) فعل ماض , وفى الظاهر أنه يناقض قوله : ( فلا تستعجلوه ) لأن الأستعجال يدل على أن الحدث لم يأت زمنه بعد . ولكن لنا أن نعلم أن الذى أخبر هو الله , ولا توجد قوة ثانية تغير مرادات الله أن تكون أو لا تكون .

يقول الحق بعد ذلك :

 

 

فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ

كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ (72)