فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ

 رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آَسَى

 عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ (93)

و((تولى عنهم)) أى تركهم وسار بعيداً عنهم, وحدثهم متخيلاً إياهم (( لقد أبلغتكم رسالات ربى ونصحت لكم)), فكأن المنظر العاطفى الإنسانى حين رأى كيف أصبحوا , وتعطف عليهم وأسى من أجلهم, لكن يرد هذا التعاطف متسائلا متعجباُ ((فَكَيْفَ آَسَىعَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ ))؟ إنهم نوع من الناس لا يحزن عليهم المؤمن. فما بالنا بنبى ورسول؟ إنه يحدث نفسه وكأنه يقول : ما قصرت فى مهمتى , بل أبلغتكم رسالاتى التى تلقيتها من الله, والرسالات إذا جمعت فالمقصود منها رسالته ورساله الرسل السابقين فى الأمور اللتى لم يحدث فيها نسخ ولا تغيير, أو رسالاته أى فى كل أمر بلغ به, لأنه كان كلما نزل عليه حكم يبلغه لهم .أو أن لكل خير رساله ولكل شر رساله , وقد أبلغهم كل ما وصله من الله , ولم يقتصر على البلاغ بل أضاف عليه النصح , والنصح غير البلاغ , فالبلاغ أن تقول ما وصلك وينتهى الامر , والنصح هو الإلحاح عليهم فى أن يثوبوا الى رشدهم وأن يتبعوا نهج الله.

ويقول الحق بعد ذلك :

وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا

 بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94)