وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا

 بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94)

 

وعرفنا من قبل أن القريه هى البلد الجامع لكل مصالح سكانها فى دنياهم. والمقصود هنا أن القريه التى يرسل إليها الحق رسولاً ثم تُكَذب فسبحانه يأخذ أهلها بالبأساء والضراء. والبأساء هى المصيبه تصيب الأنسان فى أمر خارج عن ذاته , من مالى يضيع , أو تجارة تبور وتهلك, أو بيت يهدم , والضراء هى المصيبه التى تصيب الانسان فى ذاته ونفسه كالمرض , ويصيبهم الحق بالبأساء والضراء لأنهم نسوا الله فى الرخاء فأصابهم بالبأساء والضراء لعلهم يرجعون إلى ربهم ويتعرفون إليه , ليكون معهم فى السراء والضراء.

والحق يقول:

((وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ...(12))) 

 سوره يونس

وكان من الواجب على الانسان أنه ساعه ما تمسه الضراء أن يتجه إلى خالقه , ولقد جعل الله الضراء وسيله تنبيه يتذكر بها ألانسان أن له ربا , وفى هذه اللحظه يجيب الحق الإنسان المضطر , ويغيثه مصداقاُ لقوله الحق:

 

(( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62) 

سورة النمل

 

وإذا صنع الله مع المضطر هذا فقد يثوب الى رشده ويقول : إن الإله الذى لم اجد لى مفزعاُ إلا هو , لا يصح أن أنساه . وكأن الحق سبحانه وتعالى يذكرنا بطلاقه قدرته حين يقول:

 فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا (43)  سورة الانعام

وكأنه سبحانه يطلب منا حين تجيئ البأساء أن نفزع إليه ولا نعتقد أننا نعيش فى الحياة وحدنا , بل نعيش فى الحياه بالأسباب المخلوقه لله وبالمسبب وهو الله , فالذى عزت عليه الأسباب أتعبته يروح للمسبب , ولذلك يأخذ سبحانه أيه قريه لا تصدق الرسل بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون وذلك رحمه بهم.

 ويقول  :

وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ ....... (43)     

          سورة الانعام

 

فهل يتركهم الله فى السراء والضراء دائماُ ؟ لا , فهو سبحانه يجيئهم ويبتليهم بالبأساء والضراء ليلفتهم إليه , فأذا لم يلتفتوا إلى الله , فسبحانه يبدل مكان السيئه السيئه الحسنه , ولذلك يقول :

 

ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا

 قَدْ مَسَّ آَبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ

 بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (95)