وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ

بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا

فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)

 

أى أنهم لو آمنوا بالموجود الأعلى , وأتقوا باتباع منهجه امراً ونهياً تسلم آلاتهم, لأن الصانع من البشر حين يصنع آله من الآلات ,يحدد ويبين الغايه من الآلهقبل ان يبتكرها , ويصمم لها أسلوب  استخدام معين, وقانون صيانه خاصاً لتؤدى مهمتها, فما بالنا بمن خلق الإنسان , إذن فالبشر إذا تركوا رب الإنسان يضع منهج صيانه الإنسان لعاش هذا الإنسانفى كل خير,وسبحانه وتعالى أوضح أنهم إن أتقوا الله, تأت لهم بركات من السماء والأرض, فإن أردتها بركات ماديه تجدها فى المطر الذى ينزل من أعلى, وبركات من الأرض مثل النبات, وكذلك كنوزها التى تستنبط منها الكماليات المرادة فى الحياة. وما معنى البركه؟ . البركه هى أن يعطى الموجودُ فوق ما يتطلبه حجمه, كواحد مرتبه خمسون جنيهاً ونجده يعيش هو وأولاده فى رضا وسعادة,ودون ضيق, فنتسائل: كيف يعيش؟ . ويجيبك: إنها البركه. وللبركه تفسير كونى لأن الناس دائماً – كما قلنا سابقاً – ينظرون فى وارداتهم إلى رزق الإيجاب, ويغفلون رزق السلب. رزق الإيجاب أن يجعل سبحانه دخلك آلاف الجنيهات ولكنك قد تحتاج إلى أضعافهم, ورزق السلب يجعل دخلك مائة جنيه ويسلب عنك مصارف كثيرة, كأن يمنحك العافية فلا تحتاج إلى أجر طبيب أو نفقه علاج.

أذن فقوله ) بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ) أى أن يعطى الحق سبحانه وتعالى من القليل الكثير فى الرزق الحلال, ويمحق الكثير الذى جاء من الحرام كالربا, ولذلك سمى المال الذى نخرجه عن المال الزائد عن الحاجه سماه زكاه مع أن الزكاه فى ظاهرها نقص, فحين تملك مائه جنيه وتخرج منها جنيهين ونصف الجنيه يكون قد نقص مالك فى الظاهر. وإن أقرضت احداً بالربا مائه جنيه فأنت تأخذها منه مائه وعشرة, لكن الحق سمى النقص فى الأولى نماء وزكاة, وسمى الزيادة فى الثانيه محقاً وسحتاً, وسبحانه قابض باسط.

 

وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا

 يَكْسِبُونَ (96)   

 

        سورة الاعراف

 

إذن فلو أخذ الإنسان قانون صيانته من  خالقه لأستقامت له كل الأمور , لكن الإنسان قد لا يفعل ذلك. ويقول الحق:( كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ). وهكذا نعلم أن الأخذ ليس عملية جبروت من الخالق, وأنما هى عدالة منه سبحانه, لأن الحق لو لم يؤاخذ المفسدين, فماذا يقول غير المفسدين؟ سيقول الواحد منهم : ما دمنا استوينا والمفسدين, وحاله المفسدين تسير على ما يرام, إذن فلأفسد أنا أيضاً.وذلك يغرى غير المفسد بأن يفسد, ويعطى لنفسه راحتها وشهواتها, ولكن حين يأخذ الله المفسدين بما كانوا يكسبون, يعلم غير المفسد أن سوء المصير للمفسد واضح, فيحفظ نفسه من الزلل. كان القياس أنه يقول سبحانه: بما كانوا يكتسبون, لأن مسأله الحرام تتطلب انفعالات شتى, وضربنا المثل من قبل بأن إنسانا يجلس مع زوجته وينظر الى جمالها ويملا عينيه منها, لكن إن جلس مع أجنبيه وأراد أن يغازلها ليتمتع بحسنها, فهو يناور ويتحايل , وتتضارب ملكاته بين انفعالات شتى,وهو يختلف فى ذلك عن صاحب الحلا الذى تتناسق ملكاته وهو يستمتع بما لأحل له الله, ولكن هؤلاء المفسدون تدربوا على الفساد فصار دربه تقرب من الملكة فقال فيهم الحق : إنهم يكسبون الفساد, ولا يجدون فى ارتكابه عنتا,

ويقول الحق بعد ذلك : 

 

أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ

 نَائِمُونَ (97)أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا

 ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98)