وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62) " الفرقان

 

 عرفنا ان الليل غياب الشمس عن نصف الكرة الأرضية والنهار مواجهه الشمس للنصف الاخر والليل والنهار متعاقبان " خِلْفَةً .. (62) " الفرقان

 يأتي الليل ثم يعقبه النهار كل منهما خلف الاخر وهذه المسالة واضحة لنا ألان لكن كيف كانت البداية عندما خلق الله تعالى الخلق الأول فساعتها هل كانت الشمس مواجهة للأرض ام غائبة عنها؟ ان كان الحق سبحانه خلق الشمس مواجهه للأرض فالنهار هو الأول ثم تغيب الشمس ويأتي الليل ليخلف النهار اما النهار فلم يسبق بليل وكذلك ان كانت الشمس عند الخلق غير مواجهه للأرض فالليل هو الأول ولا يسبقه نهار وفي كلتا الحالتين يكون احدهما ليس خلفة للأخر ونحن نريد ان تصدق الآية على كليهما .

اذن لابد أنهما خلفة منذ الخلق الأول ذلك لان الأرض كما عرفنا ولم يعد لدينا شك في هذه المسالة – كروية – والحق – تبارك وتعالى – حينما خلق الشمس والقمر الخلق الأول كان المواجه منها للشمس نهارا والمواجه منها للقمر ليلا ثم تدور حركة الكون فيخلف أحدهما الآخر منذ البداية .

وهذه النظرية لا تستقيم الا اذا قلنا بكروية الأرض وهذه يؤيدها قوله تعالى :" ولا        النهار .. 40يس والمعنى ايضا : ولا النهار سابق الليل لكن ذكر الليل لانهم كانوا يعتقدون ان الليل خلق أولا لماذا؟ لان الزمن عندهم يثبت بليله كما يحدث مثلا في الصوم فهل تصوم أولا في النهار ثم ترى الهلال بالليل؟ انما ترى الهلال بالليل أولا فكأن رمضان يبدأ يومه بليله .

ومادام الامر كذلك فالليل سابق النهار عندهم وهذه قضية يعتقدونها ومسلمة عندهم وجاء القران وخاطبهم على أساس هذا الاعتقاد : أنتم تعتقدون ان الليل سابق النهار يعني : النهار لا يسبق الليل نعم لكن: اعلموا ايضا ان الليل لا يسبق النهار اذن: الا لمحصلة : لا الليل سابق النهار ولا النهار سابق الليل .

ولو قلنا بان الارض مسطوحة لما استقام لنا هدا القول لكن اي ليل ؟ وأي نهار ؟ نهاري انا ام نهار المقابل لي ؟ وكل واحد على مليون من الثانية يولد نهار ويبدأ ليل لان الشمس حين تغيب عني تشرق على آخرين والظهر عندي يوافقه عصر او مغرب او عشاء عند آخرين .

اذن : كل الزمن وهذا الاختلاف في المواقيت يعني ان نغمة الأذان (الله اكبر ) شائعة في كل زمن فالله تعالى معبود بكل وقت وفي كل زمن فأنت تقول : الله اكبر وغيرك يقول : اشهد ان لا اله الا الله .... وهكذا .

وان كان الحق – تبارك وتعالى – خلق الليل للسبات والراحة

والنهار للسعي وللعمل فهذه الجمهرة العامة لكنها قضية غير ثابتة حيث وجد من مصالح الناس ما يتعارض وهذه المسالة فمن الناس من تقتضي طبيعة عمله ان يعمل بالليل كا الخبازين والحراس والممرضين ..... الخ فهؤلاء يسمح لهم بالعمل بالليل والراحة بالنهار ولو لم يكن لهؤلاء منفذ لقلنا : ان هذا الكلام متناقض مع كونيات الخلق لذلك يقول – سبحانه وتعالى – في آية أخرى : " وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ..(23)" الروم

 فتراعي هذه الآية ظروف هؤلاء الذين يضطرون للعمل ليلا والراحة نهارا .

 

وقوله تعالى :"

 

 " لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62) " الفرقان

 

  يعني : يا من شغله نهار عمله عن ذكر ربه انتهز فرصة الليل ويا من شغله نوم الليل عن ذكر ربه انتهز فرصة النهار وذلك كقول النبي صلى الله علية وسلم :" ان الله يبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسئ الليل (1) . ( 1) أخرجه الإمام مسلم في صحيحة ( 2759 ( من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وكذا احمد في مسنده ( 4/ 395 – 404 ) . فمن فاته شئ في ليله فليتداركه في نهاره ومن فاته شئ في نهاره فليتداركه في ليله واذا كان الله تعالى يبسط يده بالليل ويبسط يده بالنهار وهما مستمران فمعنى ذلك ان يده تعالى مبسوطة دائما .

ومعنى " يَذَّكَّرَ .. (62) " الفرقان

  يتمعن ويتأمل ف آيات الله في الليل وفي النهار كأنه يريد ان يصطاد لله نعما يشكره عليها على خلاف الغافل الذي لا يلتفت الى شئ من هذا فمن فضل الله علينا  ان ينبهنا الى هذه النعم ويلفت نظرنا إليها ، لأننا أهل غفلة .

وقوله : " أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62) " الفرقان

أي : شكرا فهي صيغة مبالغة في الشكر .