ثم يقول الحق سبحانه :

" وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) " الفرقان

 

 الإسراف : تبديد ما تملك فيما عنه غناء فلا نقول ( مسرف ) مثلا للذي يأكل ليحفظ حياته لذلك يقول سيدنا عمر – رضي الله عنه لولده عاصم (1) هو : عاصم بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي شاعر كان من احسن الناس خلقا وكان طويلا جسيما وهو جد عمر بن عبد العزيز لامه ولد 6 هـ وتوفي بالربذة عام 70 هـ عن 65 عاما ( الاعلام للزركلي 3/ 248 ) كل نصف بطنك ولا تطرح ثوبا الا اذا استخلقته (2) خلق الثوب خلوقا : بلي وشئ خلق : بال ( لسان العرب – مادة : خلق ) ومقصود عمر رضي الله عنه ان لا يطرح ابنه ثوبا الا ادا اصبح قدبما باليا  ولا تجعل كل رزقك في بطنك وعلى حسدك (3)  ذكره القرطبي في تفسيره ( 7/ 4951 ) وفيه " زلا تكن من قوم يجعلون ما رزقهم الله في بطونهم وعلى ظهورهم وقد كان عمر بن الخطاب قدوة لابنه في هدا فقد اخرج ابو نعيم في الحلية (1/ 53 ) ان الحسن البصري قال : خطب عمر بن الخطاب وهو خليفة وعليه ازار فيه ثنتي عشرة رقعة . والاسراف أن تنفق في غير حل فلا سرف في حل حتى أن أسرف الانسان في شئ من الترف المباح فانه يؤدي لنفسه بعض الكماليات في حين يؤدي للمجتمع اشياء ضرورية فالذي لا يرتدي الثوب الا مكويا كان بامكانه أن يرتديه دون كي فكي الثوب في حقه نوع من الترف لكنه ضرورة بالنسبة للمكوجي حيث يسر له اكل العيش  والذي يستقل سيارة اجرة وهو قادر على السير أو يجلس على لقهوة كل يوم ليمسح حذاءه وهو قادر على ان يمسحه بنفسه هذه كلها ألوان من الترف بالنسبة لك لكنها ضرورة لغيرك فلا يسمى هذا إسرافا .

 

وقوله تعالى :" وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) " الفرقان

 

 اي : بين الاسراف والتقتير " قَوَامًا (67) " الفرقان

يعني : وسطا

 اي : ان الانفاق وسط بين طرفين وقوام الشئ : ما به يقوم والحياة كلها تقوم على عملية التوسط بين الاسراف والتقتير

 

واذكر ونحن تلاميذ كانوا يعلموننا نظرية الروافع وكيف نوسط مركزا عل عصا من الخشب بحيث يتساوى الذراعان ويكونان سواء لا تميل احدهما بالاخرى واذا  أرادت أحدهما ان تميل قاومتها الاخرى كأنها تقول لها : نحن هنا فاذا ما علقت ثقلا باحد الذراعين لزمك ان تطيل الاخرى لتقاوم هذا الثقل .

ويروى ان عبد الملك بن مروان (1) هو : ابو الوليد الاموي من اعاظم الخلفاء ودهائهم ولد في المدينة 26 هـ ونشأ بها فقيها واسع العلم متعبدا استعمله معاوية على المدينة وهو ابن 16 سنة عرفت في ايامه الدواويين وضبطت الحروف بالنقط والحركات وهو اول من صك الدنانير في الاسلام ونقش بالعربية عليها توفي 86 هـ عن 61 عاما ( الاعلام 4/165 ) أما أراد أن يزوج أبنته فاطمة من عمر بن عبد العزيز أختبره بهذا السؤال ليعرف ميزانه في الحياة : يا عمر ما نفقتك ؟ قال : يا أمير المؤمنين نفقتي حسنة بين سيئتين (2) ذكره القرطبي في تفسيره ( 7/ 4951 )  ثم تلا هذه الآية :

 

" وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) " الفرقان

 

فعلم الخليفة ان زوج ابنته يسير سيرا يضمن له ولزوجته مقومات الحياة ويضمن كذلك المقومات العليا للنفس وللمجتمع .

وسبق ان ذكرنا ان الانسان الذي ينفق كل دخله لا يستطيع أن يرتقي بحياته وحياة أولاده لانه أسرف في الأنفاق ولم يدخر شيئا ليبني مثلا بيتا او يشتري سيارة ...... الخ ومصيبة المجتمع اعظم في حال التقتير فمصلحة المجتمع ان تنفق وأن تدخر كما قال سبحانه

 

" وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)  " الإسراء

 

 وهكذا جعل الله لنا ميزانا بين الاسراف والتقتير ذلك لان المال قوام الحياة و الذي يفتر يقتر على نفسه وعلى الناس فليس له مطلوبات يشتريها ويشارك بها في حركة الحياة وينتفع بها غيره فهذه السلع وهذه الصناعات وهؤلاء العمال وأهل الحرف من أين يرتزقون اذن وليس هناك استهلاك ورواج لسلعهم ؟ لا شك أن التقتيير يحدث كسادا ويحدث بطالة وهما من أشد الأمراض فتكأ بالمجتمع .

ولو نظرت الى رغيف العيش وهو أبسط ضروريات الحياة كم وراء من عمال وصناع وزراع ومهندسين ومطاحن ومخازن ومصانع وأفران وهب انك أحجمت مثلا عنه ماذا يحدث ؟

اذن : ربك يريدك أن تنفق شيئا وتدخر شيئا يتيح لك تحقيق ارتقاءات حياتك وطموحاتك لذلك ختمت الاية السابقة بقوله تعالى :

 

" فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)  " الإسراء

 

 ملوم النفس لما بددت من أموال لم ينتفع بها عيالك ومحسورا حينما ترى غيرك أرتقى في حياته وأنت لم تفعل شيئا

 اذن : فالإنسان ملوم أن أسرف محسور أن قتر والقوام في التوسط بين الأمرين وبالحسنة بين السيئتين كما قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ولذلك قالوا : خير الأمور الوسط  

 

فعلم الخليفة ان زوج ابنته يسير سيرا يضمن له ولزوجته مقومات الحياة ويضمن كذلك المقومات العليا للنفس وللمجتمع .

وسبق ان ذكرنا ان الانسان الذي ينفق كل دخله لا يستطيع أن يرتقي بحياته وحياة أولاده لانه أسرف في الأنفاق ولم يدخر شيئا ليبني مثلا بيتا او يشتري سيارة ...... الخ ومصيبة المجتمع اعظم في حال التقتير فمصلحة المجتمع ان تنفق وأن تدخر كما قال سبحانه

 

" وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)  " الإسراء

 

 وهكذا جعل الله لنا ميزانا بين الاسراف والتقتير ذلك لان المال قوام الحياة و الذي يفتر يقتر على نفسه وعلى الناس فليس له مطلوبات يشتريها ويشارك بها في حركة الحياة وينتفع بها غيره فهذه السلع وهذه الصناعات وهؤلاء العمال وأهل الحرف من أين يرتزقون اذن وليس هناك استهلاك ورواج لسلعهم ؟ لا شك أن التقتيير يحدث كسادا ويحدث بطالة وهما من أشد الأمراض فتكأ بالمجتمع .

ولو نظرت الى رغيف العيش وهو أبسط ضروريات الحياة كم وراء من عمال وصناع وزراع ومهندسين ومطاحن ومخازن ومصانع وأفران وهب انك أحجمت مثلا عنه ماذا يحدث ؟

اذن : ربك يريدك أن تنفق شيئا وتدخر شيئا يتيح لك تحقيق ارتقاءات حياتك وطموحاتك لذلك ختمت الاية السابقة بقوله تعالى :

 

" فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)  " الإسراء

 

 ملوم النفس لما بددت من أموال لم ينتفع بها عيالك ومحسورا حينما ترى غيرك أرتقى في حياته وأنت لم تفعل شيئا

 اذن : فالإنسان ملوم أن أسرف محسور أن قتر والقوام في التوسط بين الأمرين وبالحسنة بين السيئتين كما قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ولذلك قالوا : خير الأمور الوسط  .