ثم يقول الحق سبحانه :

" لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3) " الشعراء

 

هذه هي التسلية لرسول الله صلي الله عليه وسلم لأنه حمل نفسه في تبليغ الرسالة فوق ما يطيق وفوق ما يطلبه الله منه حرصا منه على هداية الناس وإرجاعهم الى منهج الله ليستحقوا الخلافة في الأرض ولان من شروط الايمان أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك (1) عن انس بن مالك قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " والدي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره – او قال : لاخيه – ما يحب لنفسه " جديث متفق عليه اخرجه البخاري في صحيحه 13 وكدا مسلم في صحيحه 45 كتاب الايمان  .

والحق – تبارك وتعالى – يسلي رسوله صلي الله عليه وسلم كما قال له في سورة الكهف :" فلَعَلَّكَ     (6 )"     الكهف

كأن ترى ولدك يرهق نفسه في المذاكرة فتشقق عليه أن يهلك نفسه فأنت تعتب عليه لصالحه كذلك الحق – تبارك وتعالى – يعتب على رسوله شفقة وخوفا عليه أن يهلك نفسه .

ومعنى " بَاخِعٌ ..   (3) " الشعراء

 البخع : الذبح الذي لا يقتصر على قطع المرئ والودجين (1) الودجان : عرقان متصلان من الراس الى السحر والجمع اوداج وهي عورق تكتنف الحلقوم فادا فصد ودج ( لسان العرب – مادة : ودج )

 انما يبالغ فيه حتى يفصل الفقرات ويخرج النخاع من بينها

والمعنى : تحزن حزنا عميقا يستولي على نفسك حتى تهلك وهذا يدل على المشقة التي كان يعانيها الرسول صلي الله عليه وسلم من تكذيب قومه له .

وفي موضع اخر يقول سبحانه لرسوله صلي الله عليه وسلم :

 

" فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ (8)"             فاطر

 فهدا آمر نهائي واضح ونهي صريح بعد أن لفت نظره بالانكار فقال :" لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ ......َ (3)" الشعراء

 وقد نبه الله تعالى رسوله في عدة مواضع حتى لا يحمل نفسه فوق طاقتها فقال الحق سبحانه وتعالى :

 

" فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40) "    الرعد

 

 وقال :

" لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (22) " الغاشية

 

وقال :"  وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ (45)"      ق

فالحق – تبارك وتعالى – يقول لرسوله يسرعلى نفسك ولا تكلفها تكليفا شاقا مضنيا والعتاب هنا لصالح الرسول لا عليه .