وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ(1) بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) " الشعراء

 (1) سرى يسري : سار ليلا واسري به جعله يسري او حمله على السير ليلا ( القاموس القويم 1/ 313 ) قال ابن كثير في تفسيره (3/335) :" كان خروجه بهم فيما ذكره غير واحد من المفسرين وقت طلوع القمر ودكر مجاهد رحمه الله انه كسف القمر تلك الليلة فالله اعلم ".

قلنا : الوحي لغة : إعلام بخفاء وشرعا إعلام من الله لرسول من رسله بمنهج خير لخلقه .

ومن الوحي المطلق قوله تعالى :

 

" وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا ..(68)" النحل

 

وقوله سبحانه :

 " وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ.. (121)" الانعام

 

وقوله تعالى

 " وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ ..(7)" القصص

فالوحي العام اذن لا نسال عن الموحي او الموحي اليه او موضوع الوحي فقد يكون الوحي من الشيطان والموحى اليه قد يكون الأرض او الملائكة او الحيوان على خلاف الوحي الشرعي فهو محدد ومعلوم .

لقد قام فرعون بحملة دعاية لهذه المعركة مع موسى – عليه السلام – وحشد الناس لمشاهده هذه المباراة وهذا دليل على انه قدر انه سيغلب لكن خيب الله ظنه وكانت الجولة لمصلحة موسى عليه السلام فامن السحرة بالله تعالى رب موسى وهارون فاخذ يهددهم ويتوعدهم وهو يعلم ان مارآوه من الايات الباهرات يستوجب الايمان .

ومع ذلك لما غلب فرعون وضاعت هيبته وجباريته سكت جمهور الناس فلم ينادوا بسكوته واكتفوا بسماع إخبار موسى وظل هدا الوضع لمدة طويلة من الزمن حدث فيها الايات التسع التي انزلها الله ببني إسرائيل .

ومن غباء فرعون ان ينصرف عن موسى بعد ان أصبح له أتباع وأنصار ولم يحاول التخلص منه حتى لا يزداد أتباعه وتقوى شوكته فكأن مسألة الآيات التسع التي أرسلها الله عليهم قد هدت كيانه وشغلته عن التفكير في أمر موسى عليه السلام .

وهكذا استشرى أمر موسى وأصبحت له أغلبية وشعبية حتى ان الأقباط (1)(1) القبط : جبل بمصر وقيل هم أهل مصر وبنكها ( أصلها ) ورجل قبطي : والقبطية ثياب كتان بيض رقاق تعمل بمصر وهي منسوبة الى اللقيط ( لسان العرب – مادة : قبط ) فالقبط هم أهل مصر من قبل موسى عليه السلام ومن قبل ان تدخل مصر في المسيحية فالقبط جنس ليس مرتبطا بالديانة . أتباع فرعون كانوا يعطفون على موسى وقومه لذلك استعاروا من القبط حلي لنساء قبل الخروج مع موسى ومن هذه الحلي صنع السامري العجل الذي عبدوه فيما بعد .

وهنا يقول تعالى : وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) " الشعراء

 وقبل ذلك نبهه ربه للخروج بعد ان قتل الرجل :

 

" وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20)" القصص

 

اما الآن فالمؤامرة عليه وعلى من معه من المؤمنين

ومعنى " أَسْرِ ..(52) " الشعراء  الإسراء : المشي ليلا " إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) " الشعراء

 يعني : سيتبعكم جنود فرعون ويسيرون خلفكم