وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85)"

 

بعد ان دعا لأمر في الدنيا ثم لأمر بعد موته دعا لنفسه بجنة النعيم الدائم في الاخرة ولا شك ان ربه – عز وجل – قد أجابه الى هذه فهو من ورثة جنة النعيم بدليل قوله تعالى :

 

" وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) " البقرة

 

 وكلمة ميراث الجنة وردت في القران ايضا في قوله تعالى

 

" أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) " المؤمنون

 

والميراث ان تأخذ ملكا من اخر بعد موته فكيف تكون الجنة ميراثا ؟

قال العلماء : ان الخالق – عز وجل – لم يخلق الجنة على قدر اهلها وكذلك النار انما خلق الجنة تتسع للناس جميعا ان امنوا وخلق النار تتسع للناس جميعا ان كفروا ذلك لانه سبحانه خلق الخلق مختارين من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وعليه فميراث الجنة يعني ان يرث المؤمنون أماكن الدين كفروا في الجنة يتقاسمونها فيما بينهم .

والوارث يرث مال غيره وثمرة سعيه لكن لا يسال عنها انما يا خذها طيبة حتى ان جمعها صاحبها من الحرام الا ان أراد الوارث ان يبرئ ذمة المورث فيرد المظالم الى اهلها .

اذن : الوارث يا خذ الميراث دون مقابل فكأنه هبة وعلى هذا المعنى يكون المراد بميراث الجنة ان الله تعالى أعطى عباده الطائعين الجنة هبة منه سبحانه وتفضلا عليهم وليس بعملهم فالجنة جاءتهم كما يأتي الميراث لأهله دون تعب منهم ودون سعي .

وهذا تصديق لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم في الحديث النبوي

 

" لن يدخل احد منكم الجنة بعمله قالوا ولا انت يا رسول الله ؟ قال ولا انا الا ان يتغمدني (1) الله برحمته "(2) (1) تغمده الله برحمته ادخله فيها وغمره بها قال أبو عبيد قوله يتغمدني يلبسني ويتغشاني ويسترني ( لسان العرب مادة غمد )

(2) حديث متفق عليه أخرجه البخاري في صحيحه ( 6463 ) وكدا مسلم في صحيحه ( 2816 ) من حديث آبي هريرة رضي الله عنه .

 

قالوا فالجنة ميراث لان الأصل انك لا تجازى على الخير الذي قدمته لانه تكليف من الله تعالى يعود خيره عليك في الدنيا حيث تستقيم به حياتك وتسعد بها وما دام التكليف في صالحك فكيف تأخذ اجرا عليه ؟ كالوالد حين يحث ولده على المذاكرة والجد في دروسه فهدا يعود نفعه على الولد لا على الوالد

وكان ربك – عز وجل – يقول لك : مادمت قد احترمت تكليفي لك وأطعتني فيما ينفعك انت ولا يعود على منه شأ فحين أعطيك الجنة أعطيك بفضلي وهبة مني او إننا نأخذ الجنة بالعمل .

والمنازل بالفضل

اذن : لا غنى لأحد منا عن فضل لله

لذلك يقول سبحانه :

 

" قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58) " يونس

 

هذا هو المعنى المراد بميراث الجنة وينبغي الا تعول على عملك وطاعتك واجتهادك  في العبادة واعلم ان النجاة لا تكون الا برحمة الله وفضل منه سبحانه ,