" إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (106)"

وقوله تعالى " إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (106)" الشعراء

يريد أن يحنن قلوبهم عليه بكلمة " أَخُوهُمْ .. (106) " الشعراء التي تعني انه منهم وقريب الصلة بهم ليس أجنبيا عنهم فهم يعرفون أصله ونشأته ويعلمون صفاته وأخلاقه

 

لذلك لما بعث النبي صلي الله عليه وسلم وابلغ الناس برسالته بادر الى الايمان به اقرب الناس اليه وهي السيدة خديجة دون ان تسمع منه اية واحدة وكذلك الصديق أبو بكر وغيرهما من المؤمنين الأوائل لماذا ؟

لانهم بنوا على تاريخه السابق واعتمدوا على سيرته فيهم قبل الرسالة فعلموا ان الذي لا يكذب على الناس مستحيل ان يكذب على رب الناس والسيدة خديجة رضوان الله عليها تعتبر اول فقيهة وأول عالمة أصول في الإسلام حينما جاءها رسول الله صلي الله عليه وسلم يشكو ما يعاني ويخشى ان يكون ما يأتيه من الوحي رئيا من الجن او توهمات تفسد عليه عقله وتفكيره قالت له – انظر الى العظمة – " والله انك لتصل الرحم وتقري الضيف وتحمل الكل وتعين على نوائب الدهر والله لا يخزيك الله أبدا (1). (1) أخرجه البخاري في صحيحه (3) وستة مواضع أخرى من صحيحه وأخرجه ايضا مسلم في صحيحه 160 من حديث عائشة رضي الله عنها ومعنى " تحمل الكل " أي تعين المثقل ومنه الإنفاق على الضعيف واليتيم واليال و" تكسب المعدوم " أي تستفيد المال المعدوم وقد كان النبي صلي الله عليه وسلم محظوظا في تجارته " تقري الضيف " أي تطعمه طعام الاضياف و " نوائب الحق " حادبات الأيام انظر : شرح النووي عل مسلم (2/ 561) وفتح الباري للعسقلاني (1/ 124 ).

 

لدلك يقول تعالى :

" وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ.. (71)  " المؤمنون

 

 ولك ان تلاحظ مثلا زجاجة ( الكولونيا ) ذات الثقب الضيق اذا وضعتها في الماء لا يمكن ان يدخلها الماء لمادا ؟ لان ثقبها ضيق لا يسمح بخروج الهواء او دخول الماء .

ولأمر ما سمي الهوى من الهواء فكما ان الهواء الذي نحسه لو أتى من ناحية واحدة لمبنى او جبل مثلا لانهدم الى الناحية الأخرى لماذا ؟

 

لان الهواء هو الذي يتولى حفظ توازن هذه المباني العالية وناطحات السحاب التي نراها يحفظ توازنها حين يحيط بها من كل جهاتها فان فرغت الهواء من إحدى الجهات انهدم المبنى في نفس هذه الجهة

والهواء من القوى العظيمة التي يستخدمها الانسان ويحولها الى طاقة وانظر مثلا الى قوة تفريغ الهواء وما تحدثه من هزة عنيفة

او الى الحاويات والشاحنات العملاقة التي تسير على الهواء في عجلاتها  وكذلك الهوى ان كان في الباطل كان قويا ومدمرا ومن هذا المعنى سمي السقوط هويا تقول هوى الشئ يعني سقط

وقوله " أَلَا تَتَّقُونَ (106)" الشعراء هده الكلمة جاءت على لسان كل الرسل او يقولها الرسول اول ما يبعث ومعناها اتقوا الله و" الا " أداة للحض والحث على الفعل كما تقول للولد المهمل الا تذاكر او هلا تذاكر .

وحين نحلل أسلوب الحض او الحث نجد انه يأتي على صورة التعجب من نفس الفعل كما تقول للولد الذي لا يصلي وتريد ان تحثه على الصلاة الا تصلي ؟  استفهام بالنفي وعندها يستحي الولد ان يقولها لكن حين تستفهم بالإثبات : اتصلي ؟ يقولها بفخر : نعم . 

اذن : معنى الحث تعجب من ترك الفعل وإنكار يحمل معنى الامر

فمعنى "  أَلَا تَتَّقُونَ (106)" الشعراء أنكر عليكم الا تكونوا متقين والمراد اطلب منك ان تكونوا متقين وما دمت قد انكرت النفي فلابد انك تؤيد الإثبات .