الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ(218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ(219)

أي توكل علي الذي يحبك  ,ويقدر عملك  وعبادتك حين تقوم ,والمعني تقوم له سبحانه بالليل والناس نيام

وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ(219

 ونفهم من ذلك انه يصح أن تقوم وحدك بالليل .

 (1)_قال ابن كثير في تفسيره (3\352)   أي :هو معتن بك ,وأورد أقوالاً منها :

_أي حين تقوم إلي الصلاه                 قاله ابن عباس

_يري قيامه وركوعه وسجوده                 قاله عكرمه

_يراك إذا صليت وحدك                   قاله الحسن البصري

_يراك حين تقوم من فراشك أو مجلسك               قاله الضحاك

_يراك قائما وجالساً وعلي حالاتك                 قاله قتادة

وقوله       (   الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ(218)

يري حالك في هذا القيام  وما انت عليه من الفرح  وسرعه الاستجابه لنداء الله في قوله : الله أكبر  ,يراك حين تقوم علي حاله انشراح القلب والإقبال علي الله والنشاط للعباده ,لا علي حال الكسل والتراخي .

وإن أقبلت علي الله أعطاك من الفيوضات ما يعوضك مكاسب الدنيا وتجارتها ,إن تركتها لإجابه النداء ,لذلك كان شعار الأذان الذي إرتضاه رسول الله _صلي الله عليه وسلم_(الله اكبر )أي :أكبر من أي شيء غيره ,فإن كنت في نوم ,فالله أكبر من النوم  ,وإن كنت في تجاره ,فالله أكبر من التجاره  ,وإن كنت في عمل فالله أكبر من العمل ....إلخ

وعجيب أن نري من يقدم العمل علي الصلاه بحجه امتداد الوقت وإمكانيه الصلاه بعد إنتهاء العمل ,وهذه حجه واهيه لأن ربك حين يناديك  (الله أكبر )يريدك أن تستجيب علي الفور لا علي التراخي وإلا كيف تسمي الاستجابه للنداء إذا تأخرت عن وقتها  ؟ فطول الوقت خاصه بين الصبح والظهر وبين العشاء والصبح لايعني أنتصلي في طول هذا الوقت ,لأن النداء يقتضي الاسراع والاستجابه .

ولنا ملحظ في (الله أكبر )فأكبر أفعل تفضيل  تدل علي المبالغه ودون اكبر نقول :كبير , وكأنها إشاره إلي أن العمل والسعي ليس شيئاً هيناً أوتافهاً ,إنما هو كبير ,ينبغي الإهتمام به , لأنه عصب الحياه ,ولا تستقيم الأمور في عماره الأرض إلا به .

لكن  إن كان العمل كبيـراً فالله أكبر  فربُك _عزوجل _ لا يزهدك في العمل  ,ولا يُزهدك في الدنيـــــا ,لأنه خالقهــــــا علي هذه الصوره وجاعل للعمل فيها دوراً ,وإن شئت فأقرأ :

الجمعه ) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(10)

وقال في موضع اخر   (ولا تنس نصيبك من الدنيا .27)     القصص

 

لان حركه الحياه هي التي تعينك  علي أداء الصلاه وعلي عباده الله ,فبها تقتات  ,وبها تتقوي  ,وبها تستر عورتك  ,ومالايتم  الواجب إلا به فهو واجب .ومع هذا فدعوه الله لك أولي بالتقديم . وأولي بالغجابه :لأن الذي خلقك وخلقها  ناداك  (الله أكبر )

وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ(219

              الشعراء

تعني (1)      :القعود والقيام والركوع والسجود  فربك يراك في كل هذه الاحوال  ويري سرورك بمقامك بين يديه ,فإذا ما توكلت عليه فأنت تستحق أن يكون ربك عزيزاً رحيماً من أجلك

(1)_قال مجاهد وقتاده :وتقلبك في المصلين   وقال ابن عباس  :اي في أصلاب الأباء   آدم ونوح وإبراهيم حتي أخرجه نبياً  .ذكرهما القرطبي في تفسيره (7\5024).

 

أو ان  المعني      وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ(219

           الشعراء

أنه _صلي الله عليه وسلم _     كان يري صحابته وهم يصلون خلفه ,فيري من خلفه  ,كما يري من أمامه ,وكانت هذه من خصائصه _صلي الله عليه وسلم _(2)

عن ابي هريره   قال :صلي بنا رسول الله _صلي الله عليه وسلم _يوما ثم انصرف فقال :يا فلان الا تحسن صلاتك ؟ألا ينظر المصلي إذا صلي كيف يصلي  ؟فإنما يصلي لنفسه  إني والله لأبصر من ورائي كما ابصر من بين يديّ

 أخرجه مسلم في صحيحه (423) والنسائي في سننه (2\119)

 لذلك كان يحذرهم أن يسبقوه في الصلاه في ركوع أو سجود أوقيام أوقعود  ويحذرهم أن يفعلوا في الصلاه خلفه ما لا يصح من المصلي إعتماداً علي أنه _صلي الله عليه وسلم _لا يراهم .