وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (101)

والضرب فى الأرض مقصود به أن يمشى المؤمن فى الأرض بصلابه وعزم وقوة.

والقصر فى الصلاه هو اختزال الكميه العدديه لركعتها . وفى "إختصار" و"إقتصار" ."الإقتصار"ان تأخذ بعضا وتترك بعضاً، و"الإختصار" هو أخذ الكل بصفه موجزه.

مثال ذلك عندما نختصر كتاباً ما فنحن نوجز كل المعانى التى فيه فى عدد أقل من الكلمات .

وقد يفكر الأنسان فى أن يكتب خطاباً ، ثم يقول لنفسه : سأرسل برقية فى الموضوع نفسه. وهنا لابد ان يختزل الكلمات لتحمل معانى كثيره فى ألفاظ موجزه .

والإسهاب – كما نعلم –لا يأخذ من الوقت مثلما يأخذ الإيجاز؛ فعندما يريد الأنسان اإيجاز فهو يقدح ذهنه – فى وقت أطول – ليصل إلى المعانى فى كلمات أقل.

ويحكى عن سعد زغلول- زعيم ثورة 1919 المصريه – أنه كتب رساله لصديق فأطال ، وأنهى رسالته بهذه ا  لكلمات :

 

وأنى أعتذر إليك عن التطويل فليس عندى الوقت الكافى للإيجاز  .ويحكى التاريخ عن الخليفه المسلم الذى أراد أن يهدد قائد الروم .. فكتب إليه ؛أما بعد : فسآتيك بجيش أوله عندك وآخره عندى . وهكذا أوجز الخليفه حخم الخطر الداهم الذى سيوجه مللك الروم من الجيش عرموم سيملأ الأرض إلخ.

وينقل التاريخ عن أحد قادة العرب وموفقه القتالى الذى كان صعباً فى "دومة الجندل "أنه كتب إلى خالد بن الوليد كلمتين لا غيرهما "إياك أريد " ولم يقل أكثر من ذلك ليتضح من هذا الإيجاز حجم المعاناه التى يعانيها . وقد أوردنا هذا الكلام ونحن بصدد الحديث عن القصر والإيجاز.

والقصر فى الصلاة هو أن يؤدى المؤمن كٌلا ً من صلاة الظهر والعصر والعشاء ركعتين بدلاً من أربع ركعات ،أما الصبح والمغرب فكلاهما على حاله ،الصبح ركعتان ،والمغرب ثلاث ركعات. وحكمة مشروعية ذلك أن الصلاة فى وقت الحرب تقتضى ألا ينشغل المقاتلون عن العدو ،ولا ينشغلوا أيضا عن قول الحق :

(إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا)

(من الآيه 103 سورة النساء)

فإذا شرع الله للخوف صلاة،وللحرب صلاة فمعنى ذلك أنه لا سبيل أبداً لأن ينسى العبد المؤمن غقامة الصلاة . وإذا كانت الصلاة واجبة فى الحرب فلن تكون هناك مشاغل فى الحياه أكثر من مشاغل الحرب والسيف .وصلاة الحرب – أى صلاة الخوف – جاء بها القرآن ، اما صلاة السفر فقد جاءت بها السنه ايضا ، وفيها يقصر المؤمن صلواته أيضاً:

وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (101)

(سورة النساء)

ولو رأى الكافرون المؤمنين مصفوفين جميعاً فى الصلاة فقد يهجمون عليهم هجمة واحده.ولذلك شرع الحق قصر الصلاة.

ويكون الخطاب من بعد موجهاً للرسول صلى الله عليه وسلم :

وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102)