وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102)

وحين يقول الحق :" فلتقم طائفة منهم " نفهم أن ينقسم المؤمنون إلى طائفتين : طائفة تصلى مع رسول الله ،وأخرى ترقب العدو وتحمى المؤمنين .

 

ولكن كيف تصلى طائفة خلف رسول الله ولا تصلى أخرى وكلهم مؤمنون يطلبون شرف الصلاه مع رسول الله ؟ ويأمر الحق أن يقسم النبى صلى الله عليه وسلم الصلاة ليصلى بكل طائفة مرة،ليشرف كل مقاتل بالصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقصر الصلاة- كما عرفنا – ينطبق على الصلاة الرباعية وهى الظهر والعصر والعشاء أما صلاة الفجر وصلاة المغرب فلا قصر فيهما،فليس من المتصور أ، يصلى أحد ركعة ونصف ركعه ، وفى علم الحساب نحن نجبر الكسور إلى الرقم الأكبر .

وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلمصلاة الخوف بهيءات متعدده ،ولا مانع من أن نلم بها إلماماً عاجلاً ؛لأن تعليم هذه الصلاة عادة يكون واجباً على الأئمة والعلماء الذين يصلون بالجيوش فى حالة الحرب. ولصلاة الخوف طرق وكيفيات :

كان الرسول صلى الله عليه وسلم يُقَسم الجييش إلى قسمين؛قسم يصلى معه وقسم يرقب العدو ،ويصلى بكل فرقه ركعتين.

وهناك طريقه أخرى وهى أن يصلى بطائفة وفرقه ركعة واحدة،ثم ينصرفون وتأتى الطائفة التى حمت الطائفة الأولى فى أثناء الصلاة هذه الطائفة الثانية ركعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وهنا يسلم رسول الله لأنه أنهى الصلاة.

وبعد ذلك تصلى الطائفة الأولى الركعة الثانية التى عليها فى القصر وتسلم، ثم تصلى الطائفه الثانية الركعة الثانية التى عليها فى القصر وتسلم ،ثم تصلى الطائفة الثانية الركعة التى عليها فى القصر وتسلم.

 

وهناك كيفية ثالثه وهى أن تأتى الطائفة الأولى تصلى مع النبى صلى الله عليه وسلم ركعة،ولا يصلى النبى صلى الله عليه وسلم معها الركعة الثانية بل يظل واقفاً  قائماً إلى أن تخرج من صلاتها بالتسليم لتنادى الطائفة التى تقف فى مواجهة العدو لتصلى خلف النبى صلى الله عليه وسلم الركعة الثانية بل يظل واقفاً قائماً إلى أن تخرج من صلاتها بالتسليم لتنادى الطائفة التى تقف فى مواجهة العدو لتصلى خلف النبى صلى الله عليه وسلم الركعة الثانية بالنسبة للنبى صلى الله عليه وسلم بينما هى الركعة الأولى بالنسبه إليها ،ويظل النبى صلى الله عليه وسلم قاعداً إلى أن تأتى الطائفة الثانية بركعتها الثانية ويسلم النبى صلى الله عليه وسلم بها وتنال الطائفة الأولى بشرف بدء الصلاة مع الرسول صلى الله عليه وسلم  وتحظى الطائفة الثانية بشرف السلام معه صلى الله عليه وسلم.

 

وهنا نسأل:هل هذه الصلاة بهذا الأسلوب مقصورة على عهد النبى صلى الله عليه وسلم وإتماماً به لأن الصلاة معه هى الشرف؟ فكيف يصلى المقاتلون الخوف بعده صلى الله عليه وسلم ؟قال العلماء:إذا كنت تعتبر القائمين بأمر القيادة هم خلفاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم فى الولاية فتقام صلاة الخوف على صورتها التى جاءت فى القرآن ولكن إذا كان لكل جماعة إمام فلتصل كل جماعة كل جماعة صلاة القصر كاملة خلف الأمام.

" وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم "وهذه الأسلحة المقصود بها  الأسلحة الحقيقية مثل السيف أ, الرمح أو النبلة أو البندقية فيأخذها المقاتل معه،أما من معه سلاح ثقيل فلن يأخذه بطبيعة الحال إلى الصلاة.

 

"فأذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم  "والقول القرآنى هنا ليس مجرد ألفاظ تقال ولكنها ألفاظ لهل مدلولات من رب العالمين ،فمن قدموا إلى الصلاة أولاً:تركوا خلفهم من يحميهم .

ولكن الطائفة الثانيه التى سوف تترك المواقع من أجل الركعة الثانية خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فبالهم مشغول بذواتهم وبحماية من يصلون ،فلعلهم حين يذهبون إلى الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تلهيهم المسألة ؛وبذلك قال الله :"وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم "وهكذا نجد أ، الطائفة الأولى ملزمة بأخذ السلاح،والطائفة الثانية ملزمة بأخذالحذرو السلاح .

وقد يقول قائل :صحيح إن الأسلحة تؤخذ ،ولكن كيف الحذر وهو عملية معنوية؟

ونقول :إنه سبحانه يصور المعنويات ويجسمها تجسيم الماديات حتى لا يغفل الإنسان عنها،فكأن آلة من ألات القتال،وإياك أيها المقاتل أ، تغفل عنها.

وهذا امر يشيع فى  أساليب القرآن الكريم فالحق سبحانه يقول:

(وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ)

(من الآيه 9 سورة الحشر)

والدار هى مكان باستطاعتة الإنسان أن يتبوأه ويقيم به ،فما معنى أن يتبوأ الإنسان الإيمان وهو أمر معنوى ؟. إنه سبحانه فى هذا القول يصف الأنصار الذين أكرموا وفادة المهاجرين ،والدار – كما نعرف- هى المكان الذى الذى يرجع إليه الإنسان والإيمان هو مرجع كل أمر من الأمور.

إذن فقد جعل الحق سبحانه اإيمان كأنه يتبوأ، أى جعله شيئا ينزل الإنسان فيه ،والإيمان كذلك حقاً ،والدار فى هذا القول مقصود بها هنا المدينة المنورة،

حيث استقبل الأنصار المهاجرين.

(وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)

(سورة الحشر)

وهكذا يجسم الحق المعنويات لنفهم منها الأمر وكأنه أمر حسى،تماماً كما قال الحق :"فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم واسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن اسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ".

 

وهذا يوضح لنا لماذا أمر الله أن يأخذ المسلمون الحذر والأسلحة ؛ لأن المقاتل يجب أن يخاف على سلاحه ومتاعه.فلو فقدها المقاتل لفقد أداة القتال ولصارت

أدوات قتاله قوة لعدوه.فحين يأخذ المقاتل السلاح من عدوه ،يتحول السلاح إلى قوة ضد العدو.

ولذلك كان التحذير من فقد الأسلحة والأمتعة حتى لا تضاف قوة السلاح والمتاع إلى قوة العدو؛لأن فى ذلك إضعافاً للمؤمن وقوة لخصمه .وعدو الإسلام يود أن يغفل المسلمون عن الأسلحة والمتاع ، والمؤمن ساعة الصلاة يستغرق بيقطته مع الله ،ولكن على الأنسان ألا يفقد يقظته إن كان يصلى أثناء الحرب،فلا يصح أن ينسى الإنسان سلاحه أثناء القتال حتى وهو يصلى ،فالقتال موقف لله،فلا تفصل القتال  فى سبيل الله عن الصلاة لله.

"ود الذين كفروا لو تغفلون عن اسلحتكم وأمتعتكم "والغفلة هى نسيان طارىء على مالا يصح أن يُنسى ،وفى هذا تحذير واضح ؛لأن الغفلة هى أثناء القتال هى حلم للكافرين حتى يحققوا هدفهم المتمثل فى قول الله :"فيميلون عليكم ميلة واحدة".فمعسكر الكفر يتمنى أن يهجم على المؤمنين فى لحظه واحده،هذا هو المقصود بقوله: "فيميلون عليكم ميلة واحدة".

ولكن لنر من بعد ذلك قول الحق:

(وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا)

(من الآيه 102سورة النساء)

 

ونجد هنا أن كلمة "الحذر" تكررت ،وسبحانه بجلال جبروته أعد للكافرين عذاباً مهيناً،وفى ذلك بشارة منه أن الكافرين لن ينالوا من المؤمنين شيئاً،فلماذا جاءالأمر هنا بأخذ الحذر ؟.إن أخذ الحذر لا يعنى أن المسبب لأنه سبحانه هيأ وأعد العذاب المهين للكافرين."إن الله أعد للكافرين عذاباً مهيناً"

وهذا ما يجب ان نفهمه حتى لا يتوهم أحد أن الله عندما نبه كثيراً بضرورة الأخذ بالحذر ثم أنه يتخلى عنا ،لا.إنه سبحانه يوضح لنا أن نأخذ بالأسباب ولا نهملها

وهو القائل "إن الله أعد للكافرين عذاباً مهيناً"

ومن بعد ذلك قال الحق :

فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103)