يقول الحق سبحانه :

{ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ(10) }

( تكررت { وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ... (10) } [ النور ] أربع مرات فى هذه السورة , قال أبو يحى زكريا الأنصارى فى ( فتح الرحمن بكشف ما يلتبس فى القرآن ) ص 285 : " كرره لاختلاف الأجوبة فيه . إذ جواب الأول محذوف تقديره : لفضحكم . و جواب الثانى قوله { لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ(14) } [ النور ] . و جواب الثالث محذوف تقديره : لعجل لكم العذاب . و جواب الرابع { مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً (21) } [ النور ]

أي : لولا هذا لفضحتم و لتفاقمت بينكم العداوة ، لكن عصمكم فضل الله فى هذا التشريع الحكيم المناسب لهذه الحالة .

و القذف جريمة بشعة فى حق المجتمع كله ، تشيع فيه الفاحشة و تتقطع الأواصر ، هذا غن كان للمحصنات البعيدات , و هو أعظم إن كان للزوجة ، لكن ما بالك إن وقع هذا القول على أم ليست أما" لواحد ، إنما هى أم لجميع المؤمنين ، هى أم المؤمنين السيدة عائشة – رضى الله عنها و أرضاها – فكانت مناسبة أن يذكر السياق ما كان من قذف السيدة عائشة ، و الذى سمى بحادثة الإفك ؛ لماذا ؟

لأن الله تعالى يريد أن يعطينا الأسوة فى النبوة نفسها ، و يريد أن يسلى عائشة صاحبة النسب العريق و أم المؤمنين ، و قد قيل فيها ما قيل ؛ لذلك ستظل السيدة عائشة أسوة لكل شريفة ترمى فى عرضها ، و يحاول أعداؤها تشويه صورتها ، نقول لها : لا عليك ، فقد قالوا مثل هذا فى عائشة .

و تقوم آيات الإفك دليلا" على صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم – فى البلاغ عن ربه ، فذكر أنهم يرمون المحصنات ، و يرمون زوجاتهم ، و الأفظع من ذلك أن يرموا زوجة النبى و أم المؤمنين .