وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5)

والدفء هو الحرارة للمبرود، تماماً مثلما نعطي المحرور برودة، وهذا ما يفعله تكييف الهواء في المنازل الحديثة. نجد الحق سبحانه هنا قد تكلم عن الدفء ولم يتكلم عن البرد، ذلك أن المقابل معلوم، وهو في آية أخرى يقول:

.... وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ .... (81)
(سورة النحل)


وهذا ما يحدث عندما نسير في الشمس الحارة؛ فنضع مظلة فوق رؤوسنا لتقينا حرارة الشمس الزاعقة الشديدة. ونحن في الشتاء نلبس قلنسوة أي: نلف شيئاً حول رؤوسنا، وهكذا نعلم أن اللباس يفعل الشيء ومقابله، بشرط أن يختار الإنسان اللباس المناسب للجو المناسب. وفي الأنعام منافع كثيرة؛ فنحن نشرب لبنها، ونصنع منه الجبن والسمن؛ ونجز الصوف لنغزل وننسج منه ملابس صوفية، وتحمل الأثقال، ونستفيد من ذريتها؛ وكذلك نأكل لحومها. ونحن نعلم أن الأنعام قد جاء تفصيلها في موقع آخر حين قال الحق سبحانه:

ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ....(143)
(سورة الأنعام)


وهي الضأن والمعز والإبل والبقر. ونعلم أن الدفء يأتي من الصوف والوبر والشعر، ومن يلاحظ شعر المعز يجد كل شعرة بمفردها؛ لكن الوبر الذي نجزه من الجمل يكون ملبداً؛ وهذا دليل على دقة فتلته، أما الصوف فكل شعرة منه أنبوبة أسطوانية قلبها فارغ.

فيقول الحق سبحانه من بعد ذلك