فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29)

سبق أن قلنا في شرح قوله تعالى في وصف جهنم:

لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44)
(سورة الحجر)


أي: أن لكل جماعة من أهل المعصية باباً معلوماً .. فباب لأهل الربا .. وباب لأهل الرشوة .. وباب لأهل النفاق وهكذا .. ولك أن تتصور ما يلاقيه من يجمع بين هذه المعاصي!! إنه يدخل هذا الباب ثم يخرج منه ليدخل باباً آخر .. حقاً ما أتعس هؤلاء!
وهنا يقول تعالى:

فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ ...(29)
(سورة النحل)


فجاءت أيضاً بصورة الجمع. إذن: كل واحد منكم يدخل من بابه الذي خصص له. ثم يقول سبحانه:

...فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29)
(سورة النحل)


والمثوى هو مكان الإقامة، وقال تعالى في موضع آخر:

لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ (23)
(سورة النحل)


فتكبر واستكبر وكل ما جاء على وزن (تفعًل) يدل على أن كبرهم هذا غير ذاتي؛ لأن الذي يتكبر حقاً يتكبر بما فيه ذاتياً لا يسلبه منه أحد، إنما من يتكبر بشيء لا يملكه فتكبره غير حقيقي، وسرعان ما يزول ويتصاغر هؤلاء بما تكبروا به في الدنيا، وبذلك لا يكون لأحد أن يتكبر لأن الكبرياء الحقيقي لله عز وجل.