وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56)

أي: الذين يكفرون بالله ويتخذون الأصنام والشركاء، يجعلون لها نصيباً. وقول الحق سبحانه:

.... لَا يَعْلَمُونَ ... (56)
(سورة النحل)


ما العلم؟
العلم أن تعرف قضية، هذه القضية صدق أي: مطابقة للواقع وتستطيع أن تدلل عليها، فإذا اختل واحد منها لم تكن علماً .. وهؤلاء حينما جعلوا للأصنام نصيباً، فقد أتوا بأشياء لا وجود لها في الواقع ولا في العلم، وليست حقائق .. وهل للأصنام وجود؟ وهل عليها دليل؟
قال تعالى:

إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ..... (23)
(سورة النجم)


هذه الأصنام ليست لها وجود في الحقيقة، وفي آية أخرى يقول الحق سبحانه:

وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (136)
(سورة الأنعام)


حتى لما جعلوا للأصنام نصيباً جعلوه مما رزقهم الله، ألا جعلتم نصيب الأصنام مما تعطيكم الأصنام؟ ونصيب الله مما رزقكم الله؟ فهذا اعتراف منكم بعجز أصنامكم، وأنكم أخذتم رزق الله وجعلتموه لأصنامكم.
وهذا دليل على أن الأصنام لا تعطيكم شيئاً، وشهادة منكم عليهم .. وهل درت الأصنام بهذا؟ إذن:

...َ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ... (56)
(سورة النحل)


أي: للأصنام؛ لأنها لا وجود لها في الحقيقة، وهم يأخذون ما رزقناهم، ويجعلونه لأصنامهم. ثم يقول الحق تبارك وتعالى:

..... تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56)
(سورة النحل)


التاء هنا في (تالله) للقسم أي: والله لتسألن عما افتريتم من أمر الأصنام. والافتراء: هو الكذب المتعمد.