الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ (88)

هنا فرق بين الكفر والصد عن سبيل الله، فالكفر ذنب ذاتي يتعلق بالإنسان نفسه، لا يتعداه إلى غيره .. فاكفر كما شئت والعياذ بالله ـ أنت حر!!
أما الصد عن سبيل الله فذنب متعد، يتعدى الإنسان إلى غيره، حيث يدعو غيره إلى الكفر، ويحمله عليه ويزينه له .. فالذنب هنا مضاعف، ذنب لكفره في ذاته، وذنب لصده غيره عن الإيمان، لذلك يقول تعالى في آية أخرى:

وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ ....(13)
(سورة العنكبوت)


فإن قال قائل: كيف وقد قال تعالى:

.....وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ......(164)
(سورة الأنعام)


نقول: لا تعارض بين الآيتين، فكل واحد سيحمل وزره، فالذي صد عن سبيل الله يحمل وزرين، أما من صده عن سبيل الله فيحمل وزر كفره هو.
وقوله:

.....زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ ....(88)
(سورة النحل)


العذاب الأول على كفرهم، وزدناهم عذاباً على كفر غيرهم ممن يصدوهم عن سبيل الله.

<ولذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة">
أخرجه الإمام أحمد فى مسنده وابن ماجه فى سننه والترمذى فى سننه عن جرير بن عبدالله .قال الترمذى :حديث حسن صحيح

فإياك أن تقع عليك عين المجتمع أو أذنه وأنت في حال مخالفة لمنهج الله؛ لأن هذه المخالفة ستؤثر في الآخرين، وستكون سبباً في مخالفة أخرى بل مخالفات، وسوف تحمل أنت قسطاً من هذا .. فأنت مسكين تحمل سيئاتك وسيئات الآخرين.
وقوله:

.....بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ (88)
(سورة النحل)


والإفساد: أن تعمد إلى شيء صالح أو قريب من الصلاح فتفسده، ولو تركته وشأنه لربما يهتدي إلى منهج الله .. إذن: أنت أفسد الصالح ومنعت القابل للصلاح أن يصلح. ثم يقول الحق تبارك وتعالى

وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89)