قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (102)

الحق تبارك وتعالى في هذه الآية يرد على الكفار افتراءهم على رسول الله، واتهامهم له بالكذب المتعمد، وأنه جاء بهذه الآيات من نفسه، فقال له: يا محمد قل لهؤلاء: بل نزله روح القدس.
والقدس: أي المطهر، من إضافة الموصوف للصفة، كما نقول: حاتم الجود مثلاً. والمراد بـ"روح القدس" سفير الوحي جبريل عليه السلام، وقد قال عنه في آية أخرى:

نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193)
(سورة الشعراء)


وقال عنه:

إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21
(سورة التكوير)


وقوله الحق سبحانه:

..... مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ ....(102)
(سورة النحل)


أي: أن جبريل لم يأت بهذا القرآن من عنده هو، بل من عند الله بالحق، فمحمد صلى الله عليه وسلم لم يأت بالقرآن من عنده، وكذلك جبريل، فالقرآن من عند الله، ليس افتراءً على الله، لا من محمد، ولا من جبريل عليهما السلام. وقوله تعالى:

..... لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (102)
(سورة النحل)


أي: ليثبت الذين آمنوا على تصديق ما جاء به الرسول من الآيات، أن الله تعالى أعلم بما ينزل من الآيات، وأن كل آية منها مناسبة لزمانها ومكانها وبيئتها، وفي هذا دليل على أن المؤمنين طائعون منصاعون لله تعالى مصدقون للرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما بلغ عن ربه تعالى.
ثم يقول الحق سبحانه

وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103)