إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104)

الحق تبارك وتعالى في قوله:

إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ.... (104)
(سورة النحل)


ينفي عن هؤلاء صفة الإيمان، فكيف يقول بعدها:

.... لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ ....(104)
(سورة النحل)


أليسوا غير مؤمنين، وغير مهتدين؟ قلنا: إن الهداية نوعان:
ـ هداية دلالة وإرشاد، وهذه يستوي فيها المؤمن والكافر، فقد دل الله الجميع، وأوضح الطريق للجميع، ومنها قوله تعالى:

وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى ....(17)
(سورة فصلت)


أي: أرشدناهم ودللناهم. وهداية المعونة والتوفيق، وهذه لا تكون إلا للمؤمن، ومنها قوله تعالى:

وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17)
(سورة محمد)


إذن: معنى:

.... لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ ....(104)
(سورة النحل)


أي: هداية معونة وتوفيق. ويصح أن نقول أيضاً: إن الجهة هنا منفكة إلى شيء آخر، فيكون المعنى: لا يهديهم إلى طريق الجنة، بل إلى طريق النار، كما قال تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (169)
(سورة النساء)


بدليل قوله تعالى بعدها:

... وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104)
(سورة النحل)


ولأنه سبحانه في المقابل عندما تحدث عن المؤمنين قال:

وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6)
(سورة محمد)


أي: هداهم لها وعرفهم طريقها. ثم يقول الحق تبارك وتعالى

إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ (105)