لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (109)

فقوله تعالى:

لَا جَرَمَ ... (109)
(سورة النحل)


أي: حقاً ولابد، أولاً جريمة في أن يكون هؤلاء خاسرين في الآخرة، بما اقترفوه من موجبات الخسارة، وبما أتوا به من حيثيات ترتب عليها الحكم بخسارتهم في الآخرة، فقد حق لهم وثبت لهم ذلك. والمتتبع للآيات السابقة يجد فيها هذه الحيثيات، بداية من قولهم عن رسول الله:

.... إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ ... (101)
(سورة النحل)


وقولهم:

..... إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ...... (103)
(سورة النحل)


وعدم إيمانهم بآيات الله، وكونهم كاذبين مفترين على الله، واطمئنانهم بالكفر، وانشراح صدورهم به، واستحبابهم الحياة الدنيا على الآخرة.
هذه كلها حيثيات وأسباب أوجبت لهم الخسران في الآخرة يوم تصفي الحسابات، وتنكشف الأرباح والخسائر، وكيف لا يكون عاقبته خسراناً من اقتراف كل هذه الجرائم؟! ثم يقول الحق سبحانه

ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (110)