قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44)

وهكذا أعلن الملأ أن رؤيا الملك ليست سوى أخلاط أحلام بلا معنى. و"الضغث" هو حزمة من الحشائش مختلفة الأجناس؛ فكأن رؤيا الملك لا تأويل لها عندهم؛ لأنهم ليسوا من أهل التمييز في التأويل.
وهذا صدق من البطانة في ألا يخبر أحدهم بشيء، إلا إذا كان على علم به؛ ولا يضير أحدهم أن يعلن جهله بأمر ما لا يعلمه. والذي يعلن جهله بأمر لسائله ـ ويكون قد علمه ـ يجعله يسأل غيره، أما إن أجاب بجواب؛ فربما جعله يثبت على هذا الجواب.
ولذلك قال العلماء ليفسحوا مجال الصدق في الفتيا: "من قال لا أدري فقد أفتى"؛ لأنه حين يقول "لا أدري"؛ سيضطرك إلى أن تسأل غيره. ويقول الحق سبحانه بعد ذلك

وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45)