قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89)

ومجيء هذا القول في صيغة السؤال؛ يدفعهم إلى التأمل والتدقيق؛ لمعرفة شخصية المتحدث. ثم يأتي التطلف الجميل منه حين يضيف:

..........مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89)
(سورة يوسف)


وفي هذا القول ما يلتمس لهم به العذر بالجهل، ولم يتحدث إليهم بعزة الكبرياء، وغرور المكانة التي وصل إليها، وهدفه أن يخفف عنهم صدمة المفاجأة، فذكر لهم أنهم فعلوا ذلك أيام جهلهم.
وهذا مثلما يكون أحدهم قد أخطأ في حقك قديماً بسلوك غير مقبول، ولكن الأيام أزالت مرارتك من سلوكه، فتذكره بما فعله قديماً وأنت تقول له: إن فعلك هذا قد صدر منك أيام طيشك، لكنك الآن قد وصلت إلى درجة التعقل وفهم الأمور.
وقول يوسف عليه السلام لهم هذا الأمر بهذه الصيغة من التلطف، إنما يعبر أيضاً عن تأثره بشكواهم، ثم تبسمه لهم، وظهور ثناياه دفعهم إلى تذكره، ودار بينهم وبينه الحوار الذي جاء في الآية التالية: