كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ(242)
سورة البقرة
فنحن نعرف مما
سبق أن الآيات هي الأمور العجيبة، والحق سبحانه وتعالى حين ينبه العقل إلى استقبال
حكم بالتعقل يكون العقل المحض لو وجه فكره إلى دراسة أسباب هذا الموضوع فلن ينتهي
إلا إلى هذا الحكم. ولذلك تجد أن الحق سبحانه وتعالى يترك لبعض المشادات في التعامل
والثارات في الخصومة أن تخرج عن حكم ما شرع الله في أي شيء من الأشياء التي تقدمت،
ثم يصيب المجتمع شر من المخالفة، وكأنه بذلك يؤكد حكمته في تشريع ما شرع. وإلا لو
لم تحدث من المخالفات شرور لقال الناس: إنه لا داعي للتشريع. ولتركوا التشريع دون
أن يصيبهم شر.
إذن فحين لا نلتزم بالتشريع فالمنطق والكمال الكوني أن تحدث الشرور؛ لأنه لو لم
تحدث الشرور لاتهم الناس منهج الله وقالوا: إننا لم نلتزم يا رب بمنهجك، ومع ذلك لا
شرور عندنا. فكأن الشرور التي نجدها في المجتمع تلفتنا إلى صدق الله وكمال حكمته في
تحديد منهجه. وهكذا يكون المخالفون لمنهج الله مؤيدين لمنهج الله. وبعد ذلك ينتقل
الحديث إلى علاج قضية إيمانية وهو أن الله حين يقدر قدرا لا يمكن لمخلوق أن يفلت من
هذا القدر.
يقول سبحانه:
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ(243)
سورة البقرة
يتبع ان شاء الله فى تفسير الآية التالية