" إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) " الفرقان
فربكم كريم ورحيم أن تبتم تاب عليكم وقبلكم فان قدمتم العمل الصالح واشتد ندمك على ما فات منكم من معصية يبدل سيئاتكم حسنات .
وللتوبة آمران : مشروعيتها من الله أولا وقبولها من صاحبها ثانيا فتشريعها فضل وقبولها فضل آخر لذلك يقول سبحانه :" ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا .. (118) التوبة
والمعنى : تاب عليهم بان شرع لهم التوبة حتى لا يستحوا من الرجوع الى الله .
وقوله تعالى :
" إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا ...... (70) الفرقان
تاب وامن لمن عمل معصية تخرجه عن الايمان فالعاصي لم يقارف المعصية الا في غفلة عن ايمانه كما جاء في الحديث الشريف " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن " (1) حديث متفق عليه اخرجه البخاري في صحيحه (3475 ) وكدا مسلم في صحيحه (57) كتاب الايمان من حديث ابي هريرة رضي الله عنه .ولو اسنحضر العاصي جلال ربه ما عصاه ولتضخمت عنده المعصية فانصرف عنها وما دام قد غاب عنه ايمانه فلابد له من تجديده ثم بعد دلك يوظف هذا الايمان في العمل الصالح .
" إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا ...... (70) الفرقان
فالجزاء
" فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ...... (70)" الفرقان
وليس المراد ان السيئة تبدل فتصير حسنة مباشرة انما يرفع العبد السيئة ويحل محلها التوبة وبعد التوبة يضع الله له الحسنة .
وقد اطمعت رحمة الله ومغفرته بعض الناس حتى قال الشاعر :
مولاي اني قد عصيتك عامدا لأراك أجمل ما تكون غفورا
ولقد جنيت من الذنوب كبارها ضنا بعفوك ان يكون صغيرا
حتى وصل الحال ببعضهم أن يستكثر من السيئة طمعا في أن تبدل حسنات لكن من يضمن له أن يعيش الى أن يتوب أو أنه أن تاب قبل الله منه ؟
والعلة النفسية التي تكلم عنها العلماء في هذه المسألة أن الذي ابتعد عن المعصية فلم يقع في شراكها لم يدرك لذة الشهوة فلا تأتي على باله أما من خاض فيها وذاق لذتها وأسرف فيها على نفسه فيعاني كثيرا حينما يحجز نفسه وينأى بها عن معصية الله فهذه المعاناة هي التي جعلت له هذه المنزلة .