ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآَخَرِينَ (172) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (173)
"الْآَخَرِينَ (172) " الشعراء أي : الذين لم يؤمنوا بدعوته ولم ينتبهوا عن هذه الفاحشة ثم بين نوعية هذا التدمير فقال " " وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (173) " الشعراء ولما كان المطر من أسباب الخير وعلامات الرحمة حيث ينزل الماء من السماء فيحيي الأرض بعد موتها وصف الله هذا المطر بأنه " فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (173) " الشعراء فهو ليس مطر خير ورحمة انما مطر عذاب ونقمة كما جاء في اية أخرى :
" فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا .. (25)" الاحقاف
وهذا يسمونه ( يأس بعد إطماع ) وهو ابلغ في العذاب والإيلام حيث تستشرف للخير فيفاجئك الشر وسبق ان أوضحنا هده المسالة بالسجين الذي يطلب من الحارس شربة ماء ليروي بها عطشه فلو حرمه الحارس من البداية لكان الامر هينا لكنه يحضر له كوب الماء حتى اذا جعله على فيه اراقه على الأرض فهذا اشد وانكي لانه حره بعد ان أطمعه وهذا عذاب اخر فوق عذاب العطش .
وفي لقطة أخرى بين ماهية هذا المطر فقال :
فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83)" هود
فالحجارة من " سِجِّيلٍ .. (82)" هود أي طين حرق حتى تحجر وهي " مُسَوَّمَةً ..(83)" هود يعني : معلمة بأسماء أصحابها تنزل عليهم بانتظام كل حجر منها على صاحبه .وبجمع اللقطات المتفرقة تتبين معالم القصة كاملة .