فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99)
"فأولئك" إشارة إلى من جاء ذكرهم فى الآية السابقة لهذه الآية:
( إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98))
(سورة النساء)
ومع ذلك فإن الله حين أشار إلى هؤلاء المستضعفين بحق قال:
( فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ )
(من الآية 99 سورة النساء)
وكان مقتضى الكلام أن يقول الحق: "فأولئك عفا الله عنهم"، لكن الحق جاء بـ "عسى" ليحثهم على رجاء ان يعفو الله عنهم، والرجاء من الممكن أن يحث او لا يحدث. ونعرف أن "عسى" للرجاء، وأنها تستخدم حين يأتى بعدها أمر محبوب نحب أن يقع.
فقد ترجو شيئاً من غيرك وتقول: عساك أن تفعل كذا. وقد يقول الإنسان:
عساى أن أفعل كذا ، وهنا يكون القائل هو الذى يملك الفعل وهذا أقوى قليلاً، ولكن الإنسان قد تخونه قوته؛ لذلك فعليه أن يقول: عسى الله أن يفعل كذا، وفى هذا اعتماد على مطلق القوة. وإذا كان الله هو الذى يقول: " عسى الله أن يعفو عنهم"، فهذا إطماع من كريم قادر.
وبعد أن يذكر لنا القصة التى تحدث لكل من مات وتوفته الملائكة ظالماً نفسه بأن ظل فى أرض ومكث فيها، وكان من الممكن أن يهاجر إلى أرض إيمانية إسلامية سواها؛ ومع ذلك فالذى يضع فى نفسه شيئاً يريد أن يحقق به قضية إيمانية فهو معانً عليها لأن الله سبحانه وتعالى يقول:
وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100)