الحق
تبارك وتعالى يعطينا قضية عامة، هي قضية المساواة بين الرجل والمرأة،
فالعهود كانت عادة تقع بين الرجال، وليس للمرأة تدخل في إعطاء العهود، حتى
إنها لما دخلت في عهد مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم بيعة العقبة جعل
واحداً من الصحابة يبايع النساء نيابة عنه
(ذكر
ابن هشام فى السيره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يصافح النساء
إنما كان يأخذ عليهن فإذا أقررن قال :اذهبن فقد بايعتكن.
إذن: المرأة بعيدة عن هذا المعترك نظراً لأن هذا من خصائص الرجال عادةً،
أراد سبحانه أن يقول لنا: نحن لا نمنع أن يكون للأنثى عمل صالح.
ولا تظن أن المسألة منسحبة على الرجال دون النساء، فالعمل الصالح مقبول من
الذكر والأنثى على حدً سواء، شريطة أن يتوفر له الإيمان، ولذلك يقول تعالى:
.... وَهُوَ مُؤْمِنٌ
... (97)
(سورة النحل)
وبذلك يكون العمل له جدوى ويكون مقبولاً عند الله؛ ولذلك نرى كثيراً من
الناس الذين يقدمون أعمالاً صالحة، ويخدمون البشرية بالاختراعات
والاكتشافات، ويداوون المرضى، ويبنون المستشفيات والمدارس، ولكن لا يتوفر
لهم شرط الإيمان بالله.
فنرى الحق تبارك وتعالى لا يبخس هؤلاء حقهم، ولكن يعجله لهم في الدنيا؛
لأنه لا حظ لهم في أجر الآخرة، يقول تعالى:
مَنْ كَانَ يُرِيدُ
حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ
الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (20)
(سورة الشورى)
ويقول الحق سبحانه وتعالى:
فَمَنْ يَعْمَلْ
مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ
شَرًّا يَرَهُ (8)
(سورة الزلزلة)
وهذا كله خاص بأمور الدنيا، فالذي يحسن شيئاً ينال ثمرته، لكن في جزاء
الآخرة نقول لهؤلاء: لا حظ لكم اليوم، وخذوا أجركم ممن عملتم له فقد عملتم
الخير للإنسانية للشهرة وخلود الذكر، وقد أخذتم ذلك في الدنيا فقد خلدوا
ذكراكم، ورفعوا شأنكم، وصنعوا لكم التماثيل، ولم يبخسوكم حقكم في الشهرة
والتكريم.
ويوم القيامة يواجههم الحق سبحانه وتعالى: فعلتم ليقال .. وقد قيل، فاذهبوا
وخذوا ممن عملتم لهم
(عن
ابى هريره رضى الله عنه قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن
أول الناس يقضى يوم القيامه عليه رجل استشهد فاتى به فعرفه نعمه فعرفها
.قال :فما عملت فيها ؟قال :قاتلت فيك حت استشهدت قال كذبت ولكنك قاتلت لان
يقال جرىء فقد قيل ثم امر به فسحب على وجهه حتى القى فى النار ورجل تعلم
العلم وعلمه وقرأ القرآن فاتى به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها ؟قال
:تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن .قال كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال
:عالم وقرأت القرآن ليقال :هو قارىء فقد قيل .ثم أمر به فسحب على وجهه حتى
القى فى النار(الحديث رواه مسلم فى صحيحه واحمد فى مسنده).
هؤلاء الذين قال الله في حقهم:
وَالَّذِينَ كَفَرُوا
أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى
إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ
حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39)
(سورة النور)
يفاجأ يوم القيامة أن له إلهاً كان ينبغي أن يؤمن به ويعمل ابتغاء وجهه
ومرضاته. إذن: فالإيمان شرط لقبول العمل الصالح، فإذا ما توفر الإيمان فقد
استوى الذكر والأنثى في الثواب والجزاء. يقول تعالى:
....فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ... (97)
(سورة النحل)
هذه هي النتيجة الطبيعة للعمل الصالح الذي يبتغي صاحبه وجه الله والدار
الآخرة، فيجمع الله له حظين من الجزاء، حظاً في الدنيا بالحياة الطيبة
الهانئة، وحظاً في الآخرة:
....
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)
(سورة النحل)
ويقول الحق سبحانه
فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ
فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) |