وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) |
فأنت يا
محمد لن تجعل كل الناس مؤمنين؛ ولو حرصت على ذلك، وكان صلى الله عليه وسلم شديد
الحرص على أن يؤمن قومه، فهو منهم. ويقول فيه الحق سبحانه: |
وهكذا نجد
أن كلمة "كثير" قد يقابلها أيضاً كلمة "كثير".
وقد أوضح الحق سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم أنه لو حرص ما استطاع أن يجعل أكثر
الناس مؤمنين، والحرص هو تعلق النفس وتعبئة مجهود للاحتفاظ بشيء نرى أنه يجلب لنا
نفعاً أو يذهب بضر، وهو استمساك يتطلب جهداً.
ولذلك يوضح له الحق سبحانه: أنت لن تهدي من تحرص على هدايته. ويقول سبحانه:
{إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل .. "37"}
(سورة يوسف)
ومن هذه الآية نستفيد أن كل رسول عليه أن يوطن نفسه على أن الناس سيعقدون مقارنات
بين البدائل النفعية؛ وسيقعون في أخطاء اختيار غير الملائم لفائدتهم على المدى
الطويل؛ فوطن نفسك يا محمد على ذلك.
وإذا كنت يا رسول الله قد حملت الرسالة وتسألهم الإيمان لفائدتهم، فأنت فعل ذلك دون
أجر؛ رغم أنهم لو فطنوا إلى الأمر لكان يجب أن يقدروا أجراً لمن يديهم سواء السبيل،
لأن الأجر يعطي لمن يقدم لك منفعة.
والإنسان حريص على أن يدفع الأجر لمن يعينه على منفعة؛ والمنفعة إما أن تكون موقوتة
بزمن دنيوي ينتهي، وإما أن تكون منفعة ممتدة إلى ما لا نهاية؛ راحة في الدنيا
وسعادة في الآخرة. ويأتي القرآن بقول الرسل:
.............
لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا
................(90)
(سورة الأنعام)
ولم يقل ذلك اثنان هما: إبراهيم عليه السلام، وموسى عليه السلام. وكان العقل يقول:
كان يجب على الناس لو أنها تقدر التقدير السليم؛ أن تدفع أجراً للرسول الذي يفسر
لهم أحوال الكون، ويطمئنهم على مصيرهم بعد الموت، ويشرح لهم منهج الحق، ويكون لهم
أسوة حسنة. ونحن نجد في عالمنا المعاصر أن الأسرة تدفع الكثير للمدرس الخصوصي الذي
يلقن الابن مبادئ القراءة والكتابة، فما بالنا بمن يضيء البصر والبصيرة بالهداية؟
ومقتضى الأمر أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقدم نفعاً أبدياً لمن يتبعه، لكنه لم
يطلب أجراً. ويقول الحق سبحانه: