وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (109) |
وينتقل
الحق سبحانه هنا إلى الرسل الذين سبقوا محمداً صلى الله عليه وسلم؛ فالحق
سبحانه يقول: |
ويعبر
سبحانه سياحة الاستثمار بقوله:
قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ
يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ
......
(20)
(سورة العنكبوت)
إذن: فالسياحة الاعتبار هي التي تلفتك لقدرة الله سبحانه، وسياحة الاستثمار هي من
عمارة الأرض، يقول الحق سبحانه:
وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا
وَسَعَةً
.................(100)(سورة النساء)
وأنت مكلف بهذه المهمة، بل إن ضاق عليك مكان في الأرض فأبحث عن مكان آخر، بحسب قول
الحق سبحانه:
.......أَلَمْ
تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا
............(97)
(سورة النساء)
ولك أن تستثمر كما تريد، شرط ألا يلهيك الاستثمار عن الاعتبار. ويتابع الحق سبحانه:
(سورة يوسف)
.........كَيْفَ
كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
..............(109)
ويا ليت الأمر قد اقتصر على النكال الذي حدث لهم في الدنيا؛ بل هناك نكال أشد وطأة
في انتظارهم في الآخرة. يقول الحق سبحانه:
...............وَلَدَارُ
الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ
(109)
(سورة يوسف)
وحديث الحق سبحانه عن مصير الذين كذبوا؛ يظهر لنا كمقابل لما ينتظر المؤمنين، ولم
تذكر الآية مصير هؤلاء المكذبين بالتعبير المباشر، ويسمون ذلك في اللغة بالاحتباك.
مثل ذلك قوله الحق:
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا
.........
(41)
(سورة الرعد)
وكل يوم تنقص أرض الكفر، وتزيد رقعة الإيمان.
وهكذا يأتي العقاب من جانب الله، ونأخذ المقابل له في الدنيا؛ ومرة يأتي بالثواب
المقيم للمؤمنين، ونأخذ المقابل في الآخرة. ولقائل أن يقول: ولماذا لم يقل الحق
سبحانه أنه سوف يأتي لهم بما هو أشد شراً من عذاب الدنيا في اليوم الآخر؟
وأقول: إن السياق العقلي السطحي الذي ليس من الله؛ هو الذي يمكن أن يذكرهم بأن عذاب
الآخرة هو أشد شراً من عذاب الدنيا. ولكن الحق سبحانه لا يقول ذلك؛ بل عدل عن هذا
إلى المقابل في المؤمنين؛ فقال:
(سورة يوسف)
................وَلَدَارُ
الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ
(109)
فإذا جاء في الدنيا بالعذاب للكافرين؛ ثم جاء في الآخرة بالثواب للمتقين؛ أخذ من
هذا المقابل أن غير المؤمنين سيكون لهم حساب عسير، وقد حذف من هنا ما يدل عليه هناك؛
كي نعرف كيف يحبك النظم القرآني. ويقول سبحانه من بعد ذلك: