ولم يقل
الحق سبحانه من أين جاء السيارة؟ أو إلى أين كانوا ذاهبين؟ والمقصود بالسيارة
هم القوم المحترفون للسير، مثل من كانوا يرحلون في رحلة الشتاء والصيف؛ بهدف
التجارة وجلب البضائع.
وكانت السيارة لا تنتقل بكامل أفرادها إلى البئر، بل يذهب واحد منهم إلى البئر؛
ليأتي لهم بالمياه ويسمى الوارد، وذهب هذا الوارد إلى البئر ليحضر لبقية
السيارة الماء وألقى دلوه في البئر؛ ويسمى حبل الدلو الرشاء. وحين نزل الدلو
إلى مستوى يوسف عليه السلام تعلق يوسف في الحبل؛ فأحس الوارد بثقل ما حمله
الرشاء؛ ونظر إلى أسفل فوجد غلاماً يتعلق بالدلو فنادى:
......
يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ
.....
(19)
(سورة يوسف)
أي: أنه يقول يا بشرى هذا أوانك؛ وكأنه يبشر قومه بشيء طيب؛ فلم يحمل الدلو ماء
فقط، بل حمل غلاماً أيضاً. ويقول الحق سبحانه:
......
وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً
....
(19)
(سورة يوسف)
أي: أنهم أخفوه وعاملوه كأنه بضاعة، ولم يتركوه يمشي بجانبهم؛ خشية أن يكون
عبداً آبقاً ويبحث عنه سيده؛ وهم يريدون بيعه. ويذيل الحق سبحانه الآية بقوله:
.....
وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ
(19)
(سورة يوسف)
وهذا قول يعود على من أسروه بضاعة؛ وهم الذين عرضوه للبيع. ثم يقول الحق سبحانه
وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ
الزَّاهِدِينَ
(20) |