أي: كما
آنسك الله بهذه الرؤيا المفرحة المنبئة بأنه سيكون شأن كبير بالنسبة لإخوتك
وبالنسبة لأبيك، فلسوف يجتبيك ربك؛ لا بأن يحفظك فقط؛ ولكن بأن يجعل كيدهم سبباً
لصالحك، ويعلمك من تأويل الأحاديث ما يجعل أصحاب الجاه والنفوذ يلتفون إليك.
ومعنى تأويل الشيء أي معرفة ما يؤول إليه الشيء، ونعلم أن الرؤى تأتي كطلاسم،
ولها شفرة رمزية لا يقوم بحلها إلا من وهبه الله قدرة على ذلك؛ فهي ليست علماً
له قواعد وأصول؛ لأنها إلهامات من الله سبحانه وتعالى.
وبعد ذلك تصير يا يوسف على خزائن الأرض؛ حين يوجد الجدب، ويعم المنطقة كلها،
وتصبح عزيز مصر. ويتابع الحق سبحانه:
.....ِ
وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ
.....
(6)
(سورة يوسف)
فكل ما تمتع به يوسف هو من نعم الدنيا، وتاج نعمة الدنيا أن اجتباه رسولاً. أو
أن:
.....ِ
وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ
.....
(6)
(سورة يوسف)
بمعنى إلا تسلب منك النعمة أبداً؛ ففي حياة يوسف منصب مهم، هو منصب عزيز مصر،
والمناصب من الأغيار التي يمكن أن تنزع أو أن:
.....ِ
وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ
.....
(6)
(سورة يوسف)
بأن يصل نعيم دنياك بنعيم أخراك. ويتابع الحق سبحانه:
......وَعَلَى
آَلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ
وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
(6)
(سورة يوسف)
يذكر الحق سبحانه يوسف عليه السلام بأن كيد إخوته له لا يجب أن يحوله إلى عداوة؛
لأن النعم ستتم أيضاً على هؤلاء فهم آل يعقوب؛ هم وأبناؤهم حفدة يعقوب،
وسينالهم بعض من عز يوسف وجاهه وماله، كما أتمها من قبل على إبراهيم الجد الأول
ليوسف باتخاذه خليلا لله، وأتم سبحانه نعمته على إسحق بالنبوة.
وهو سبحانه أعلم بمن يستحق حمل الرسالة، وهو الحكيم الذي لا يترك شيئا للعبث؛
فهو المقدر لكل أمر بحيث يكون موافقا للصواب. ويقول الحق سبحانه من بعد ذلك
لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آَيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ
(7) |