وكان يوسف
عليه السلام، قد علم أن أباه يربط عينيه من الحزن، وكاد أن يفقد بصره، فأمر
أخوته أن يذهبوا بقميصه الذي كان يلبسه إلى أبيه. وتقول كتب السير أن أخاه
الأكبر الذي رفض أن يبرح مصر، وقال:
.........فَلَنْ
أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي
وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ
(80)
(سورة يوسف)
قد قال ليوسف:
"يا أيها العزيز إنني أنا الذي حملت القميص بدم كذب إلى أبي، فدعني احمل هذا
القميص لأبي، كي تمحو هذه تلك".
وقال يوسف عن فعل القميص مع الأب:
.........فَأَلْقُوهُ
عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا
.........(93)
(سورة يوسف)
ونلحظ أنه لم يقل: "وجه أبيكم". وفي قوله:
...........وَجْهِ
أَبِي.......(93)
(سورة يوسف)
إشارة إلى الحنان الأبوي الذي فقدوه منذ أن غاب يوسف، فغرق والده في الحزن. و:
.....
يَأْتِ بَصِيرًا
.........
(93)
(سورة يوسف)
أي: يرتد إليه بصره، أو يراه أمامه سليماً. ويضيف يوسف:
........
وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ
(93)
(سورة يوسف)
هذا تعبير قرآني دقيق، أن يحضروا معهم كل من يمت بصلة قرابة لهم أو يعمل معهم،
ولم يقل يوسف "بآلكم" حتى لا يأتوا بالأعيان فقط. ونلحظ أنه لم يذكر والده في
أمر يوسف لأخوته أن يأتوه بكل من يمت لهم بصلة قربى؛ لأن في مثل هذا الأمر ـ من
موقع عزيز مصر ـ إجباراً للأب على المجيء، وهو يجل أباه عن ذلك.
ويقول الحق سبحانه بعد ذلك: |